( وإنك لعلى خلق عظيم )
متابعة للحديث عن الأخلاق فى الاسلام وما بدأناه فى هذا الرابط ( قل آمنت بالله ثم أستقم ) نتحدث اليوم عن مفهوم الأخلاق فى الاسلام ...
ان طبائع البشر تختلف حسب أسس كثيرة أهمها أسلوب تربية الانسان وتنشئته وأهتماماته التى تنعكس على باطنه وظاهره ...
أولاً مفهوم الأخلاق :
الأخلاق لغة :
(جمع خلق، وهو السجية والطبع)
والأخلاق اصطلاحًا:
(حالة نفسية تترجم بالأفعال)، أى أن الأخلاق، لها جانبان؛ (جانب نفسي باطني، وجانب سلوكي ظاهري) فالسجايا هي الطباع. والسلوك هو الفعل المترجم لهذه الطباع.
وعلم الأخلاق الإسلامية هو ما يهتم بدراسة علم الخير والشر، والحسن والقبيح من خلال اتجاهين ( عقلى وروحى ) والجمع بينهما لينتج بالنهاية مجموعة الأفكار والأحكام والعواطف والعادات التى تشكل الانسان .
وعلم الأخلاق الإسلامية هو ما يهتم بدراسة علم الخير والشر، والحسن والقبيح من خلال اتجاهين ( عقلى وروحى ) والجمع بينهما لينتج بالنهاية مجموعة الأفكار والأحكام والعواطف والعادات التى تشكل الانسان .
قال القرطبي:
الأخلاق أوصاف الإنسان التي يعامل بها غيره وهي محمودة ومذمومة فالمحمودة على الإجمال أن تكون مع غيرك على نفسك فتنصف منها ولا تنصف لها وعلى التفصيل العفو والحلم والجود والصبر وتحمل الأذى والرحمة والشفقة وقضاء الحوائج والتوادد ولين الجانب ونحو ذلك والمذموم منها ضد ذلك
و قال الحسن البصري:
حقيقة حسن الخلق بذل المعروف وكف الأذى وطلاقة الوجه
وقد جاء الاسلام بعد فترة و بعد أن تدنت الأخلاق و أستفحلت العبودية لغير الله تعالى وأنتشر الأسفاف الخلقى فجاء الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام لـ يتمم مكارم الأخلاق ويدعو الى الخير ...ونفهم من الحديث الشريف ( انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ان الاساس الذى يبنى عليه الانسان دينه هو الأخلاق والتى كما أشرنا فى البداية انها طبائع وسجايا ظاهرة وباطنة ...و العقيدة الاسلامية ماهى الا رسالة أخلاقية تهذب الروح من خلال التعامل مع ربها والتعامل مع النفس ومع الاخرين .
قال - صلى الله عليه وسلم -:
" ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقًا، الموطؤون أكنافًا، الذين يألفون ويُؤلفون"
وماجاء الاسلام الا للاتباع الحسن لكل ما امر به الله تعالى والرسول عليه السلام والاقتداء بالصحابة والتابعين فى كل سلوكهم الطيب واخلاقهم الحميدة التى جعلت منهم خير امة اخرجت للناس .
وماجاء الاسلام الا للاتباع الحسن لكل ما امر به الله تعالى والرسول عليه السلام والاقتداء بالصحابة والتابعين فى كل سلوكهم الطيب واخلاقهم الحميدة التى جعلت منهم خير امة اخرجت للناس .
وقال احد الشعراء
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ...... إن التشبه بالكرام فلاح
فالأخلاق هى مجموعة من المبادى والقيم وقواعد تنظم حياة الانسان حسب ما جاء به الشرع الاسلامى وبما أمرنا به الخالق سبحانه وتعالى وكيفية التعامل ظاهرا وباطنا مع الله ومع أنفسنا ومع غيرنا بمنهاج يحقق لنا الغاية التى من أجلها خلقنا ... ومن هنا يأتى مفهوم العبادة فى الاسلام ... ومعناها ...
يقول تعالى :
( وقل لعبادى يقولوا التى هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إِن الشيطان كان للإنسان عدوا مبِيناً )
وعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق وأن الله يبغض الفاحش البذيء )
" أخرجه الإمام الترمذي بسند صحيح
وهناك أدلة قرأنية واحاديث نبوية كثيرة تدل على ان الاسلام يهتم بالاخلاق فى العقيدة وفى تربية ضمير المسلم وباطنه وفى اسلوب معاملته مع الاخرين
من أدلة الأخلاق في جانب العقيدة قوله - صلى الله عليه وسلم
أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا
ومن هنا نمعلم ان الاخلاق الطيبة الحسنة تقوى الايمان وتساعد على تربية المسلم تربية صالحة وراسخة وتجعل الانسان صادقا مع الله ومع نفسه ومع الاخرين .
وفي تربية الضمير: قول الله تعالى:
﴿ الصلاة تنهى عنِ الفحشاء والمنكر ﴾
وادلة الأخلاق في الجانب الاجتماعي الحديث الشريف:
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وقد ذكر للرسول - صلى الله عليه وسلم :
أن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال هي في النار .
ومن هنا نبين اهمية الاخلاق والتعامل الحسن للارتقاء بأنفسنا كـ مسلمين و رفعة درجاتنا عند الله تعالى .... فمهما كانت عبادتنا صالحة فالمعاملة السيئة والخلق السىء يحبط هذه الاعمال ويقلل من قيمتها عند الله ...لأن التعامل بين انفسنا وبين الناس هو المقياس الحقيقى لتفعيل معتقداتنا ويدعمها .
وإذا أَتى الإِرشاد من سبب الهوى .....ومن الغرور فسمه التضليلا
وإذا أصيب القوم في أَخلاقهِم............. فأقم عليهِم مأتماً وعويلا
( أحمد شوقى )
يتبع ان شاء الله
7 التعليقات:
تدوينة مرموقة. تتبعت فيها شكلا جميلا في العرض اعتمادا على تحديد المصطلح، وترتيب المفهوم الإسلامي لهذه القيمة بعرض نصوص من الكتاب والسنة، ثم من كلام السلف، ثم بعض الأبيات الشعرية التي تؤكد على الخلق.
الحقيقة أن الخلق كقيمة إن وجد فلا نحتاج لقوانين صارمة في المجتمع، وإن غيب فلن تكفينا كل قوانين الأرض والسماء.
وهذا ما نعانيه صراحة، ولهذا صدق شوقي:
وإذا أصيب القوم في أَخلاقهِم
فأقم عليهِم مأتماً وعويلا
الشكر لك على هذه الفائدة الجميلة
اللهم اجعلنا أصحاب خُلق.
السلام عليكم
والشكر موصول لك استاذى الكريم رشيد على تشجيعك واهتمامك بالمتابعة دائما فى كل مدوناتى ودائما تكون كلماتك حافز طيب للاستمرار والمواصلة بارك الله فيك واعزك
ولاتعرف مدى اهتمامى بمسألة الاخلاق فأنا مثل الام التى تريد ان تطعم اولادها كل ما لديها من طعام فى وجبة واحدة :) وحريصة ان يصل لهم كل مالديها
اتمنى ان يدرك الانسان اهمية الاخلاق فى بناء المجتمع وان الوسيلة الوحيدة لنشر الوعى بعد العلم بالامور هى الاخلاق ودائما وابدا الاخلاق التى تقصر المسافات بين وجهات النظر وتجعل دائما الارضية التى يقف عليها المتناظرون هادئة ومحايدة ليصلوا بالنهاية الى الحق .
اشكرك استاذى على حضورك وسبقك الدائم الذى اقدره جدا
ولك تحياتى بحجم السماء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبق كتابة تعليق ولكن مع الأسف لم ينشر وكما اخبرتنى المدونة لحدوث خطأ....
سيدتى الإسلام دين راق رقى السماء ولكن مع الأسف هناك البعض من أبنائه إلا من رحم ربى لايعرفون هذا الدين ولم يكتسبوا منه سوى النسب بالميلاد وهذه معضلة يعانى منها البعض من المسلمين.. فأين هم من هذا الرقى وهذه الأخلاقيات والفضائل ؟؟؟
أدعو الله تعالى أن يبصر هؤلاء بما لديهم من نعمة وفضل وأن يزيل عن العيون هذه الغشاوة...
سيدتى أحييك على هذا الطرح الطيب
ونفع الله به وجعله فى موازين حسناتك
اللهم آمين
أختي الطيبة أم أحمد ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولاً جزاكم المولى كل الخير لتوجهك الطيب الراقي الذي نحترمه ونعتز به وبكم ..
؛
؛
لن أعقب اليوم على هذه التدوينة الرائعة بما يتوافق تماماً مع مضمونها .. بل سيكون تعليقي ألماً أشكوه وأبثه ههنا ..
؛
؛
سبق وذكرت كثيراً أنني لا أكتب في مدونتي عن الجوانب الدينية والأخلاقية والفقهية وما ذلك إلا لسبب واحد فقط وهو أننا ربما كشعب مسلم سئمنا من الكلام ومجرد الكلام ..
ففي غمرة مخالطتي للكثير من طلاب العلم فالكلام كله الذي نسمعه هنا وهناك رائع جداً لكننا لا نرى أثر ذلك الكلام في مجتمعنا ..
إذ إن الكلام أصبح في واد والتطبيق أصبح في واد آخر ..
؛
نحن كأمة ربما لا يلزمها العلم بالدين بقدر ما يلزمها التطبيق لهذا الدين ..
؛
لو نظرنا إلى الماركسية أو الشيوعية أو الرأسمالية كفكرٍ فإن أصحابها نالوا من الاهتمام حتى تم تحويل فكرهم إلى واقع لم يلبث أن برهن على فشله وأنه جلب الويلات لمجتمعه ..
؛
أما الإسلام فهو يبقى مجرد فكرٍ لا يحظى باهتمام أهله ولا بتحويل هذا الفكر إلى واقع في المجتمع .. ولو نجحنا في تحويل الفكر إلى واقع مجتمعي لفزنا وفازت مجتمعاتنا ..
؛
انظري مثلاً إلى تغني علمائنا بأسلافهم كيف أنهم كانوا من المجاهدين ضد الاستعمار الفرنسي والبريطاني وغيره .. لكنهم في الوقت نفسه لم يكن لهم أي دور في الجهاد ضد القتل والكفر الذي يشهدوه في البلاد وكلهم يخشى على نفسه وغنائمه التي غنمها من الدنيا أن تفوته ..
؛
فكم حدثونا عن العز بن عبد السلام والشيخ المجاهد محمد الأشمر والشيخ المجاهد عمر المختار والشيخ المجاهد عبد الحكيم المنير والشيخ المجاهد حسن البنا والكثير من العلماء المجاهدين .. لكنهم عندما حمي الوطيس وقفوا في آخر ركب المجاهدين بل وقفوا بعيداً جداً عن هذا الركب ..
؛
كذلك الأمر عندما يتكلمون عن الإخلاص والصدق وقيام الليل وقراءة القرآن والإحسان إلى الجار وبر الوالدين ..
بل إن الفساد فيهم استشرى لدرجاتٍ يصعب جداً أن أتحدث عنها من الرشوة والإفساد ...
والله إن الكلام ليطوووووول كثيراً ..
الأخلاق نحتاج أن تطبقها هذه الأمة أكثر من حاجتها لأن تتكلم بها .. فقد سئمنا من الكلام ومجرد الكلام ..
عذراً أختي صدقيني لا أوجه حديثي هذا لك فأنت من نتعلم منها رقة القلب وحسن الخلق ..
ولكنه ألم يتلظى في قلبي كلما سمعت كلاماً في الدين .. فإذا واجهت الواقع لم أجد لهذا الكلام أثراً حتى بين الخطباء وطلاب العلم ..
وطبعاً لكل قاعدة استثناء .. فكم من الناس العادسسن هم على خلق كريم .. وكم من علماء الدين كانوا على خلق كخلق الرسول صلى الله عليه وسلم .
تحيتي الطيبة لك .. وشكراً لأنني وجدت هنا مساحةً لأبث ألمي ..
السلام عليكم
موضوع قيم أختي الفاضلة ليلى
الأخلاق ذالك الصرح الكبير الذيفقدنا بافتقاده كثيرا من بريقنا و ما جعلنا نستحق أن نكون خير أمة ...
نسأل الله سبحانه أن يحسن خلقنا كما حسن خلقتنا
تحياتي
الله يجازيكى خير يا ليلى
والله شوقتينى لايام كنت بقعد اكتب واجمع موضوعات فى الدين
جميل اوى بجد
وعن قول ان الله لا يحب الفاحش البذئ الا تشاركينى الرأى ان بعض اصدقائنا المدونيين يدخلون تحت هذا التنبيه بما يكتبون !!
دمت بخير
السلام عليكم
وحشتني حبيبتي والله
والله مواضيعك دايما راااااااااااائعه زيك الله يسعدك حبيبتي
وهل هناك اجمل من الاخلاق
اذا رسولنا الكريم بيوصي عليها ويقول لنا اقربكم منزلة مني يوم القيامه احاسنكم اخلاقا هذا ان دل فانما يدل على ان الاخلاق اغلى شي لازم نحافظ عليها
الله يوفقك حبيبتي و يكتب لك الاجر على المواضيع هذه
احبك في الله(k)
تحياتي لك ^^
إرسال تعليق