نبذة عن حياة ( الشاعر محمود غنيم)
كان محمود غنيم من ذلك الرعيل الذي أشرب حب الشعر العربي الجزل، بديباجته الرائعة، وصوره الدافئة، ومعانيه المتألقة، وأخيلته المجنحة، وهو إلى ذلك شاعر مصري أصيل، عذب البيان، سلس العبارة، موسيقي اللفظ.
ولد الشاعر محمود غنيم (1902 ـ1972م) في الريف المصري، وبالضبط في قرية "مليج" وهي إحدى قرى محافظة المنوفية بمصر، وقد عاش وسط أسرة تتمتَّع بسمعة طيبة، وتحترف الزراعة والتجارة.
في عام 1925م التحق بدار العلوم وتخرج منها سنة 1929م، فعين مدرساً حيث مارس هذه المهنة تسع سنوات نظم خلالها أعذب قصائده وأجملها.
كان غنيم عامر القلب بالإيمان بحضارة بلاده وتراثها وعقيدتها السماوية الخالدة. وقد أعلن ثورته على الحضارة الغربية في قصيدته "ثورة على الحضارة". وكتب يمجِّد حضارة الإسلام، ويأسى لغزو الحضارة الغربية لها، ولاحتلال الغرب مكانة حضارتنا الخالدة، وذلك في قصيدته المشهورة
"وقفة على طلل
ما لي و للنجـم يرعـاني و أرعـاهُ أمسى كلانا يعاف الغمض جفنـاهُ
لي فيك يا ليل آهــات أرددهـــــــا أواه لو أجـدت المحــــــزون أواهُ
لا تحسبني محباً يشتكي وصبــــاً أهون بما في سبيل الحب ألقـــــاهُ
إني تذكرت و الذكرى مؤرقـــــة مجداً تليداً بأيدينا أضعنـــــــــــــاهُ
أنى اتجهت إلى الإســـلام في بلد تجده كالطير مقصوصاً جناحــاهُ
ويح العروبة كان الكون مسرحها فأصبحت تتوارى في زوايـــــــــاهُ
كم صرفتنا يــــــــد كنــــا نصرفها و بات يملكنــــــا شعـــب ملكنـــاهُ
كم بالعراق و كم بالهند ذو شجن شكا فرددت الأهرام شكـــــــــــواهُ
بني العمومة إن القرح مسكـــــم و مسنا نحن بالألام أشبــــــــــــاهُ
يا أهل يثرب أدمت مقلتيَ يــــــــد بدرية تسأل المصري جــــــــدواهُ
الديـن والضـاد من مغناكم انبـعثــا فطبقا الشرق أقصاه و أدنـــــــــاهُ
لسنــا نمـــد لكم أيماننـــا صــــلة لكنما هو دين ما قـضـيـنـــــــــــاهُ
هل كان دين ابن عدنان سوى فلق شق الوجود و ليل الجهل يغشــــاهُ
سل الحضارة ماضيها و حاضرهــا هل كان يتصل العهدان لـــــــــولاهُ
هي الحنيفة عين الله تكلؤهــــــــا فكلما حاولوا تشويههـا شاهـــــوا
هل تطلبون من المختار معـجـزة يكفيه شعب من الأجداث أحيـــاهُ
من وحد العرب حتى كان واترهم إذا رأى ولد الموتور آخـــــــــــاهُ
و كيف كانوا يداً في الحرب واحــدة من خاضـها باع دنيـــاه بــأخــــراهُ
و كيف ساس رعاة الإبل مملكـــة ما ساسها قيصر من قبل أو شــاهُ
و كيف كان لهم علـم و فلســفــة و كيف كانت لهم سفن و أمـــواهُ
سنوا المساواة لا عرب ولا عجم ما لامرئ شـــرف إلا بــتـقـــــواهُ
و قررت مبدأ الشورى حكومتهــم فليس للفرد فيهــا مـــا تمنـــــــــاهُ
و رحب الناس بالإسلام حين رأوا أن السلام و أن العـدل مغـــــــزاهُ
يا من رأى عمراً تكسوه بردتـــه و الزيت أدم له و الكـوخ مـــأواهُ
يهتز كسرى على كرسيه فرقــاً من بأسه و ملوك الروم تخشــاهُ
سل المعالي عنا إننـا عــــــــرب شعارنا المجد يهوانا و نهــــــواهُ
هي العروبة لفظ إن نطقـت بـــــه فالشرق و الضاد و الإسلام معناهُ
استرشد الغرب بالماضي فأرشـده و نحن كـــان لنــــا ماض نسينــاهُ
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب بالأمس كانوا هنا ما بالهـم تاهــــوا
فإن تراءت لك الحمـــراء عــن كثب فسائل الصرح : أين المجد و الجـاهُ
و انزل دمشق و سائل صخر مسجدها عمـن بنــاه لعــل الصخــر ينــعــــــاهُ
و طف ببغداد و ابحث في مقابـرهـا عل امرأ من الــــعبــاس تلـــقـــــاهُ
هذي معالم خرس كل واحـــــــــدة منهن قامت خطيبـاً فـاغـراً فــــــاهُ
إني لأشعــر إذ أغشـى معـالمـهـم كأنني راهــب يغشى مصـــــــلاهُ
ألله يـعـلم مــا قلـبـت سيـــرتــهــم يومــا فأخطـــأ دمـــع العين مجراهُ
أين الرشيد و قد طاف الغمام بـــه فحين جــاوز بغـــداداً تحــــــــداهُ
ملك كملك بني التاميز ما غربت شمس عليـه و لا يــرق تخطـاهُ
ماض نعيش على أنقاضه أممــاً و نستمد القوى من وحي ذكـراهُ
لا در در امرئ يطري أوائله فخراً و يطرق إن ساءلته : ما هـــــــو
ما بال شمل بني قحطان منصدعاً ؟ ربـــاه أدرك بني قحطـــــان ربـــاهُ
عهد الخلافة في البسفور قد درست آثـــاره ، طيب الرحمــن مثــــــواهُ
عرش عتيد على الأتـراك نعرضـه ما بالنــــا نجـــــد الأتــــراك تأباهُ
ألم يـــــروا كيـــــف فــداه معاوية و كيف راح علي من ضحـــايــــاهُ
غال ابن بنت رسول الله ثم عـــدا على ابن بنت أبي بكر فــــــــأرداهُ
لما ابتغى يدها السفاح أمهــــرها نهراً من الدم فوق الأرض أجراهُ
ما للخلافـــــة ذنب عنـــد شانئها قد يظلم السيف من خانتـــه كفاهُ
الحكم يسلس باسم الدين جامحـه و من يرمه بحد السيف أعيــــاهُ
يا رُبَّ مولىً له الأعناق خاضعة و راهب الدير باسم الدين مولاهُ
إني لأعتبـــر الإسلام جامعـــــة للشرق لا محـض دين سنه اللهُ
أرواحنــــا تتلاقى فيــــه خافقــة كالنحـــل إذ يتلاقى في خلايــــاهُ
دستوره الوحي و المختار عاهله و المسلمون و إن شتوا رعايـاهُ
لاهم قد أصبحت أهواؤنا شيـعــاً فامنن علينا بــراع أنت ترضـاهُ
راع يعيد إلى الإسلام سيـرتــــــه يرعى بنيه و عين الله تــرعــاهُ
10 التعليقات:
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
كم هي رائعة هذه الأشعار ، سلمت يداك أختاه ورحمنا وشاعرنا اللهم آمين
فن الزجل فن راقي ، وكنت أقرأ وأتلذذ بالكلمات ، ربما لأنني أجيد هذا الفن منذ زمن
موال يروي حال عربنا :
إن قلت إهتفوا وقولوا من ورايي
إذا بدكم تعرفوا شوري ورايي
ولا عمرنا بنشوف للنصر راية
وسوس الفرقة بينخر في العرب
مع خالص تحياتي \ أبو مجاهد الرنتيسي
السلام عليكم
جزاك الله خيرا علي هذه القصيدة
فعلا اسلوبها غاية في الروعة وعجبني
عهد الخلافة في البسفور قد درست آثـــاره ، طيب الرحمــن مثــــــواهُ
عرش عتيد على الأتـراك نعرضـه ما بالنــــا نجـــــد الأتــــراك تأباهُ
وارى ان الاتراك بدأوا يستفيقوا وارى انهم في صدد ارجاع هذه الامجاد مرة ثانية
ولابد ان يستفيق بنو العرب اذا ارادوا العزة مرة اخرى
تحياتي
السلام عليكم
اختيار رائع وموفق كالعادة
سلمت يداكِ على مشاركتنا إياه
ننتظر جديدك المبدع بشوق
تقبلي مروري وخالص تحياتي
الاخ الفاضل أبو مجاهد الرنتيسي
اشكر لك مرورك الطيب الذى دائما يبعث السرور بالنفوس لما تحملوه فى اقلامكم الطيبة من عبير
طالما نتشوق اليه جميعا (عبير القدس)
وكلنا يعلم براعة الفلسطينى فى الزجل التلقائى والانشاد الراقى الهادف...وبالفعل سوس الفرقة هو ما سيجعل القردة والخنازير تركض كيف تشاء فوق ظهورنا
تحياتى لك ودعائى بالنصر القريب
الاخ العزيز والمؤرخ الواعد Haytham Alsayes
ياهيثم انا قربت اقتنع انك البرادعى فين صورتك انت اخى !!!!
عرش عتيد على الأتـراك نعرضـه ما بالنــــا نجـــــد الأتــــراك تأباه
لهذا البيت على وجه الخصوص كنت اتردد فى نشر هذه القصيدة لانه بالفعل الاتراك بهم شباب غاية فى الصمود والعناد والشجاعة وانصحك بزيارة مدونة
(TaboshoO )فهو احد الاصدقاء الاتراك يعيش بسوريا و مدونتة رائعة
تحياتى لك على تواجدك بعبير التاريخ فى مدينتى
المكتبة المتنقلة Naji
الابداع ما تقدمه انت اخى الفاضل فخير الاعمال ما تبقى حسناته جارية بعد الممات ...علم ينتفع به
نفعك الله اخى بكل ماتقدمه للعباد ويجعل عملك خالص لوجه الله
تحياتى لك انت اخى العزيز ودعائى الدائم لك بالتوفيق
الحقيقة أننى كنت أقرأ فى بعض الكتب فوجدت هذه الأبيات :
أنى اتجهت إلى الإسـلام فـي بلـد=تجده كالطيـر مقصوصـا جناحـاه
كـم صرفتنـا يـد كنـا نصرفـهـا=وبـات يملكـنـا شـعـب ملكـنـاه
وعلى الفور أعجبتنى لما يبدو فيها من جودة المضمون وجودة الشكل معاً بحيث صار البيت الأول فى مصاف الأبيات الخالدة سواء بسواء
ألا ترين أن الشاعر أبدع حتى فى اختيار قافيته .. فالموضوع موضوع توجع وحنين , ومن سيما المتوجع أنه يزفر ويتأوه فجاءت القافية وكأنها ترديد لهذا التأوه بيتاً بيتاً
جناحاه - ملكناه - ينعاه - شظاياه - تاهوا ... إلخ
أضف إلى أن هذا اليت مبكى :
الله يشهـد مـا قلـبـت سيرتـهـم=يوما وأخطـأ دمـع العيـن مجـراه
فى هذا البيت :
اللهم قـد أصبحـت أهواؤنـا شيعـا=فامنن علينـا بـراع أنـت ترضـاه
لكى يستقيم الوزن لابد أن تصبح كلمة ( اللهم ) هكذا ( لاهم ) - وهى لغة فى اللهم
ومثلها قول الصحابة :
لاهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فالشاعر كان موفقا بل و مبدعا في اختيار القافية و الألفاظ و الأسلوب المناسب فالموضوع توجع و أسى على حال المسلمين في عصره و حنين الى دلك الماضي الدي أضعناه بأيدينا
شكرا جزيلا على القصيده الرائعه فهي من اجمل ما قرأت حتى عنوان القصيده له رونقه وجاذبيته الخاصه
استاااااااااذى OTOUMANAR
الله عليك ... اشكرك جدا
عندما اضع مقال فيه ابيات للشعر اعرف ان الذين يحبونه قليلين فى هذا العصر لاننا اصبحنا نحب لغة اخرى للتعبير عن مشاعرنا لا استطيع ان اصفها
ولا تتصور مدى احترامى لمن يتذوق الشعر العربى وبلاغته وبيانه رغم انى لا استطيع نظم قوافيه لكن احس المعنى والمفردات وانت استاذى احسنت الاحساس وبرعت فيه وهذا ليس بجديد عليك ولا غريب
تعليقك وكلامك اضفى عبيرا خاصا على الموضوع
اسعدنى كثيرا تواجدك الاكثر من راقى ورائع
بوركت اخى وبورك احساسك وتعبيراتك الطيبة
تحباتى لك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دآئماً كمآ عودتنا دآئماً
تتحفينا بالرائع
جزآكِ الله كل خيرْ
الله يرحم هذا الشآعر
اول مرة اسمع عنه لاني غير متابع للشعر العربي
قصديته فعلاً رائعه تستحق الوقوف عى كل شطر من ابياتها والتفكير في اسلوبها وصورها الفنية والواقعية فيها
باركَ الله فيكِ أيتها الفاضلة
وجزاك الله الجنة ونعيمها
((نعتذر عن تأخرنا في الرد وانقطاعنا))
أخوكِ شعاع الأكوان
اخى العزيز جدا شعاع الاكوان
لاتعتذر اخى ابدا ادعو الله ان ينجحك وبتفوق انا اعلم ان الامتحانات هذه الايام يار ب النجاح للكل ان شاء الله...لكن ما اتمناه اخى الكريم ان تحاول الاهتمام بالشعر اكثر فهو سيثرى مخيلتك كثيرا وسيساعدك على التعبير عما تريد وتشعر
جزاك الله خيرا على الدعاء الطيب ولك مثل ماقلت اخى
تحياتى ودعائى لك بالنجاح ان شاء الله
إرسال تعليق